أكل مال الحرام
" إن الله قسّم بينكم أخلاقكم كما قسّم بينكم أرزاقكم ، وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الدين إلا من يحب ، فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ، ولا يكسب عبد مالاً حراما فينفق منه فيبارَك له فيه ولا يُتصدق منه فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار ، إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن "
أيها الأحبة : أكل مال الحرام وتناوله على أي وجه كان يوصل صاحبه إلى غضب الله تعالى ، وهي طريق تسلك صاحبها إلى جهنم والعياذ بالله ، وفي صحيح مسلم حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء : يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغُذي بالحرام فأنّى يُستجاب له . وعن أنس رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله أدعو الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال صلى الله عليه وسلم : " يا أنس أطب كسبك تُجبْ دعوتك فان الرجل ليرفع اللقمة الحرام إلى فمه فلا يستجاب له دعوة أربعين يوما "نرى أيها الأحبة أن آكل الحرام - عافانا الله – بعيد عن الله ، بعيد عن طاعته ، بعيد عن جنته ، فالإنسان الذي لا يبالي من أين جاء بالمال عليه أن يقف مع نفسه ويحاورها إلى أن يخلص إلى نتيجة ترضيه وتبعده عما هو عليه " .
أكل الحرام لا يكون بالمال فقط ، إنما له وجوه كثيرة منها : استغلال الرجل وظيفته بأن يأخذ مواداً أو غير ذلك له شخصيا ومنه : الزيادة في البيع والشراء ومنه استيفاء أموالا أو غيرها لقاء خدمات ليست بحاجة لجهد أو عناء ومها الأخطر وهي أكل مال الله تعالى مثل الصدقات والزكاة وأخذ أشياء من بيوت الله تعالى وكأنه ماله الخاص .
عن ابن عمر رضي اله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الدنيا حلوة خَضِرة من اكتسب فيها مالا من حلّه وأنفقه في حقه أثابه اله وأورثه جنته ، ومن اكتسب فيها مالا من غير حلّه وأنفقه في غير حقه أدخله الله تعالى دار الهوان ،
ورب متخوّض فيما اشتهت نفسه من الحرام له النار يوم القيامة " .
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من لم يُبال من أين اكتسب المال لم يبالِ الله من أي باب أدخله النار "
ويقول أبو هريرة رضي الله عه [ لإن يجعل أحدكم في فيه - فمه – ترابا خير من أن يجعل في فيه حراما ]
روي أن ملكا على بيت المقدس ينادي كل يوم وكل ليلة : ( من أكل حراما لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ) يعني لا يقبل منه فرضا ولا نافلة أي لا يقبل اله عبادته .
وفي نفس السياق يقول أحد العباد : ( إن الشاب إذا تعبُد أي عبد اله وقام بالواجبات قال الشيطان لأعوانها نظروا من أين مطعمه ، فإن كان مطعم سوء قال : دعوه يتعبّد ويجتهد فقد كفاكم نفسه إنَّ اجتهاده مع أكل الحرام لا ينفعه .
وقال وهب بن الورد : لو قمت قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أحلال أم حلال وقال سفيان الثوري : من أنفق الحرام في الطاعة فهو كمن طهّر الثوب بالبول .
وفي الحديث الشريف : " من اشترى ثوبا بعشرة دراهم وفي ثمنه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه " .
ويقول صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل الجنة جسد غُذِّي بالحرام "
وفي مشهد مهيب من مشاهد الآخرة : يؤتى يوم القيامة بأناس معهم من الحسنات كأمثال جبل تهامة حتى إذا جيء منهم جعلها الله هباء منثوراً ، ثم يقذف بهم في النار . فقيل يا رسول الله : كيف ذلك ؟ قال : كانوا يصلون و يصومون و يزكون و يحجون غير أنهم كان إذا عُرض لهم شيء من الحرام أخذوه فأحبط الله أعمالهم .
اللهم جنبنا الحرام وجنب الحرام ما رزقتنا... آمين