Admin Admin
عدد المساهمات : 530 السٌّمعَة : -2 تاريخ التسجيل : 28/11/2010 العمر : 28 الموقع : الرياض
| موضوع: القرآن والطبقية الخميس يناير 06, 2011 2:11 pm | |
| مفهوم (الطبقية) مفهوم معاصر، ظهر بقوة في الأدبيات الماركسية، وهو مفهوم يدل على وجود تفاوت طبقي في المجتمع، سواء أكان هذا التفاوت اقتصاديًّا أم اجتماعيًّا.
الموقف من الطبقية
تباينت المواقف البشرية من هذه الظاهرة الإنسانية، فذهبت الماركسية إلى إنكار مفهوم الطبقات على مستوى التنظير، ودعت إلى إلغاء الفوارق بين الناس على مستوى التطبيق، واعتبرت أن هذا التفاوت يستدعي صراعًا على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع، وقررت أن (الصراع الطبقي) هو الحاكم والمتحكم في علاقات الإنسان على المستويات كافة؛ ومن ثم رأت أن (الصراع الطبقي) صراع حتمي في المجتمعات، ويفضي في النهاية إلى زوال الطبقات من تلك المجتمعات، وسيادة طبقة واحدة هي طبقة (البروليتاريا = طبقة العمال).
والرأسمالية تعاملت مع هذه الظاهرة من منظور آخر، فهي من جانب أقرت هذا التفاوت على مستوى التنظير، وعملت على ترسيخه على مستوى التطبيق، فأطلقت للأفراد حرياتهم دون قيد أو شرط، وجعلتهم المالكين الوحيدين لما يكتسبون، ولا حق فيه لغيرهم. ومنعت الدولة من القيام بأي تدخل في سلوك الأفراد، واعتبرت أن سيطرة القوي على الضعيف والغني على الفقير هو القانون الذي يحكم المجتمعات والعلاقات بين الناس.
موقف القرآن من ظاهرة التفاوت الطبقي
المتأمل في القرآن الكريم يقف على العديد من الآيات القرآنية، التي ألمحت إلى ظاهرة التفاوت الطبقي بين الناس؛ من ذلك قوله تعالى: { ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض } (النساء:32)، وقوله سبحانه: { والله فضل بعضكم على بعض في الرزق } (النحل:71)، وقوله تعالى: { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض } (الإسراء:21)، وقوله سبحانه: { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات } (الزخرف:32)، فهذه الآيات ونحوها تقرر حقيقة واقعة وهي أن الله سبحانه قد فضل الناس بعضهم على بعض بشتى أنواع التفضيل؛ فضلهم بالرزق فمنهم الفقير ومنهم الغني. وفضلهم بالجسم فمنهم القوي ومنهم الضعيف. وفضلهم بالعقل فمنهم العالم ومنهم الجاهل. وفضلهم بالشكل فمنهم الجميل ومنهم القبيح، وفضلهم بالدين فمنهم مؤمن ومنهم كافر. وفضلهم بالأخلاق فمنهم حسن الخلق ومنهم سيء الخلق.
إذن، القرآن الكريم يقرر ظاهرة التفاوت بين الناس. وهو إذ يفعل ذلك إنما يفعلها لحكمة يريدها سبحانه { ليبلوكم فيما آتاكم } (الأنعام:165)؛ إذ لا يمكن ابتلاء الناس إلا بهذا التفاوت، ولو كان الناس كلهم في مستوى واحد من الرزق لما احتاج أحدٌ لأحد، ولم يعد ثمة مسوغ للدعوة لفعل الخيرات، وعمل الصالحات.
ولا يمكن أن تستقيم الحياة إلا بهذا التفاوت؛ وذلك أن التفاوت ضروري لتنوع الأدوار المطلوبة لعمارة هذه الأرض { هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها } (هود:61)، ولو كان جميع الناس نسخًا مكررة ما أمكن أن تقوم الحياة في هذه الأرض على النحو المطلوب، ولبقيت أعمال كثيرة لا نجد لها من يقوم بها. والذي خلق الحياة وأراد لها البقاء والنمو، كما قال: { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين } (البقرة:36)، خلق الكفايات والاستعدادات متفاوتة تفاوت الأدوار المطلوب أداؤها.
ومع أن القرآن قد أقرَّ هذه الظاهرة الإنسانية، بيد أنه - وهذا هو فيصل التفرقة بينه وبين مذاهب الأرض - لم يكتف بذلك، بل سعى للحد قدر المستطاع من هذا التفاوت. وهذا بيان ذلك:
على مستوى التفاوت الاقتصادي بين الناس، طلب من الغني الإنفاق على الفقير، ومدِّ يد العون له، كما قال تعالى: { وأنفقوا مما رزقناكم } (المنافقون:10). وهو على هذا المستوى لم يسع إلى العمل على محاربة ما فطر الله عليه الناس من تفاوت واختلاف، ولم يسع كذلك كما فعلت بعض المذاهب إلى إثارة طبقة ضد أخرى، بل وقف موقفًا متوازنًا لإقامة المجتمع على أساس التوازن بين طبقاته. فليس المقصود إفقار الأغنياء، بل مساعدة الفقراء وتأمين احتياجاتهم. | |
|