x man
عدد المساهمات : 173 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/12/2010
| موضوع: أمسية باردة ... الخميس فبراير 03, 2011 5:37 am | |
| أمسية باردة...
أمسية أخرى باردة...و أنا قد عدت وحيدة لم أعد أذكر بالضبط كيف و لماذا إفترقنا... لم أذكر فيما إذا كنت قد حزنت على فراقه أم لا...كل ما أعرفه, أنه كان لا مفر من ان نفترق و ان شيئا في داخلي قد انكسر بلا صوت, و أنني أبحر فيما وراء أصقاع الحزن أو الأمل...و أن الأشياء في العالم الخارجي عادت تبدو غريبة و مرعبة,و أنني زائغة,قطرة زئبق على مقاهي الأرصفة...
أمسية أخرى باردة...أفتح باب بيتي ,تفاجئني أضواء الشارع ممزقة و مرمية على البلاط المعتم الباردة و الغرفة تطل من أفواه الأبواب المغمورة مظلمة ساكنة...
أخاف البيوت الفارغة المعتمة...نسيت أن أترك النور مضاء قبل خروجي...لأنني حينما أعود و أفتح بابي, أحس أن هنالك من ينتظرني في الداخل...
و نسيت فرحتي الصغيرة أمام البيت و أنا أراقب بائع البالونات يتحرك بسرعة نحو الرصيف المقابل لداري,و على رأس أنبوب صغير يضع قليلا من معجون خاص, فتتطاير البالونات في الجو...
بالونات شفافة لماعة, مختلفة الحجوم, تتطاير بين الرؤوس و الأجساد المسرعة فتنفقئ, و يعلو بعضها فوق الرؤوس و لكنه لا يلبث أن ينفقئ أيضا... مجموعة أثر أخرى من البالونات, تتطاير ثم تنطفئ و لا تخلف حتى أثر الرماد..فورة بعد أخرى جيل بالونات بعد آخر...
لا أدري لماذا تسمرت أراقب البالونات ,الفقاعات, و داخلها كنت أرى وجوها ووجوها عايشتها و عرفتها, ووجوها لم أعرفها, تتناثر على الرصيف , تعلو ...تصرخ بشعاراتها, ثم نفخة أخرى من فم بائع البالونات, و تطير كلها نحوي, ثم تنفقئ كلها بصمت قبل ان تم وجهي أو تترك بصماتها على صفحة عيني,غمرني جوع مؤلم,جوع الى شئ كبير كبير,يستطيع أن يعلو في الجو دون أن ينطفئ , فعلى الأقل خارج مرمى بصري!
أمسية أخرى باردة...لست جائعة...و لا اعرف شيئا اسمه وقت الطعام...وقت الطعام عندي هو لحظة جوعي...و قد ينقشي يومان قبل أن يحل ذلك المنبه الاجتماعي...لا ادري لماذا تعطل في داخلي... لكني اترك طعاما يطهى على النار دائما...لا لآكله , و لكن لأشم رائحته, احب دائما أن تفوح في داري رائحة الطعام, و أعرف أن ذلك يفقد الدار شاعريتها و لكنه يمزها عن مكتبي...قرب رف الكتب الكبير أغرس شريط السخانة و اترك عليها وعاء طعام...
أبخرة الاكل تنتشر على الجدران...تغلف الكتب...تتسرب الى ثيابي الانيقة المغلقة في الخزائن المفتوحة... الآن و رائحة الدار هكذا ,استطيع ان اغمض عيني في فراشي و اتخيل ان اسرة كبيرة تخصني تتحرك الآن خارج غرفتي و تتسامر حول المائدة. من المفروض ان اكون جائعة ...يوما بعد يوم افقد القدرة على الانسجام مع صفوف الناس في حركاتهم المتآلفة...
افتح صنبور المياه الباردة على راسي...ثم ثلاث حبوب منومة... -لماذا لا تستمرين في ابتلاع ما تبقى؟ -و لما استمر؟ ما الفراق؟مجرد امسية أخرى باردة؟ جربي... ليس هناك ما يهزني بما فيه الكفاية لأموت...لا احب نفسي بما فيه الكفاية لأنقدها بالموت...و لا اكره شيئا بما فيه الكفاية لاهرب منه بالموت.
| |
|