Admin Admin
عدد المساهمات : 530 السٌّمعَة : -2 تاريخ التسجيل : 28/11/2010 العمر : 28 الموقع : الرياض
| موضوع: حبٌّ مستحيل ( قصة قصيرة بقلمى ) الأربعاء فبراير 02, 2011 8:14 pm | |
| انتهتْ محاضرة التاريخ بجامعة السربون الفرنسيّة
وخرجَ أحمد شاردَ الذهن يفكِّرُ فيما قاله الاستاذ
الفرنسى عن تحضُّر الشعوب الأوربيّة ، والذين
نجحوا فى تكوين اتحادٍ أوروبىٍّ بينهم ، ووحَّدوا
عملتهم وفتحوا الحدودَ بينهم رغمَ اختلاف اللغات
والمذاهب والأهواء...
******** وأخذ الغرابُ ينعقُ فى السماء ، فاضطربَ فؤادُه وهو
يتجه إلى كافيتيرا الكلية ؛ ليحتسىَ قهوته فى ذاك
اليوم البارد ، وتذكَّرَ حالَ أمته العربيَّة الواهنة
وخلافاتها السَّاذجة وظلم زعمائها لشعوبهم ...
حتى تنبَّه على صوت زميلته العربيَّة فى الكلية
( حياة الجزائريَّة ) وقد بادرته ببسمةٍ حنونٍ أسعدتْ
قلبَه الحزين مِن آلام الاغتراب ، ثمّ احتسيا القهوة
سوياً ، وحلَّقَ أحمد بخياله منتشياً مع أغنية
( أنا بعشقك ) للمطربة السوريّة ( ميادة ) فتعانقتْ
روحُهما مع ذاك الدفء العربىّ الجميل الذى كسرَ
برودة الجوِّ الأوروبىِّ ، وقد علتْهما طيورُ النورس التى
ظللتْ العاشقيْن بعزفها السيموفنىّ البديع معلنةً
مباركة السماء لهذا العشق الطاهر النبيل...
********** وبينما ينعمُ الحبيبان بلذة العشق ، اختفتْ الطيور
وظلَّ الغرابُ وحده ينعقُ فى السماء ، و إذا
بزميلهما الثالث فى الكلية ( دافيد ) والذى ضايقَه
ذاك الود ، ومازالَ يحاولُ إفسادَ العلاقة بين الحبيبيْن
ولاييأسُ أبداً مِن فشله المتكرر معهما .....
********** وقد تقررَ فى يوم 21 من نوفمبر 2009 أنْ تُقامَ مبارةٌ
حاسمةٌ فى كرة القدم بين مصر والجزائر ؛ ليصعدَ
الفائزُ منهما لنهائيات كأس العالم ممثلاً عن العرب
وقد تجمَّعَ الحبيبان المصرىّ والجزائريّة بأحد مقاهى
باريس ، وحولهما إخوانهما مِن العرب ، ووسط
الصفوف كان ( دافيد ) يترقَّبُ الحدثَ ، ويتصلُ بأخيه
الكبير الموجود بالملعب ، والمُندس بين الجماهير
المصريّة ، ثم يتصلُ بأخيه الآخر الجالس بين
الجماهير الجزائريّة ، حتى اشتعلَ الملعبُ بالنيران
فوجدَ ( دافيد ) الفرصة السانحة لتفريق المحبّين
والكلُّ صامتٌ يترقبُ صافرة الحكم لنهاية المبارة
ومازال الغرابُ ينعقُ فى السماء.....
********* وما إنْ انتهتْ المبارة إذا ب( دافيد ) يقسمُ بأنَّ
الحكمَ قد ظلمَ المصريين ، وأنَّ المصريين أعظمُ
العربِ إبداعاً فاندفعَ بعضُ الجزائريين المتعصبين
يقللُ مِن شأن المصريين ، فردَّ عليه أحدُ المصريين
بحدِّةٍ مماثلةٍ ، فإذا بالجزائرىّ يعايرُ المصريين
بسمعة الفنانات المصريَّات ، وقد نسىَ دورَ مصر
فى مساندة الثورة الجزائريّة ... وهنا اندفعَ مصرىٌّ
يردُّ الإهانة لشقيقه الجزائرىّ مردداً : (إنَّ الجزائرَ
بلد المليون لقيط وليس المليون شهيد )
ونسىَ المصرىُّ دورَ الجزائر فى وقوفها معه
بحرب رمضان التى انتصرَ فيها على إسرائيل
انتصاراً حاسماً ، واحتدمَ الموقفُ بين
الشقيقين العربيين ، وسكتتْ الأصواتُ
الحكيمة ،وعلتْ أصواتُ الأسلحة البيضاء
وازدادتْ الجرحى ، فلاتعرفُ فيهم المصرىُّ من
الجزائرىّ ، حتى لفظَ رجلٌ جزائرىٌّ أنفاسَه الآخيرة
فتحوَّلتْ المنافسةُ الرياضيّة الشريفة إلى حربٍ قبليّةٍ
كحرب البسوس فى العصر الجاهلىّ ، وتناسَى
الشقيقان الإسلامَ والعروبةَ وأخوة الدم ....
*********** وعندما رأت ( حياة ) ابن وطنها الجزائرىّ وهو غارقٌ
بدمائه ويودِّعُ الحياةَ استشاطَ غضبُها ، وهزمَ
الشعورُ بالانتقام حبَّها لأحمد ، فصرختْ : فليسقطْ
المصريّون عملاء الأمريكان ... وتناستْ قلبَها
وأحلامَها ، وتباعدَ الحبيبان ، وأضحى كل واحدٍ
منهما يقفُ مع أهل بلده ، وجُرِحَ أحمدُ فى رأسه
فهتفَ : ليسقطْ الجزائريون عملاء فرنسا ..
وعادَ الغرابُ ينعقُ فى السماء...
********** وانبرى الإعلامُ فى إشعال النيران المتأججة
فى النفوس ؛ ليلهيَهم عن فساد الحُكَّام
فخرجتْ المسيراتُ فى البلدين الشقيقين
وكلٌّ منهما تلعنُ الأخرى ، ومازال ( دافيد )
يبتسمُ للنجاح ، ومابرحَ الغرابُ ينعقُ فى السماء..
*********** ومرتْ الشهورُ وانتهى العامُ الدراسىُّ ، ولازالتْ
الحبيبة الجزائريّة تنظرُ لحبيبها المصرىّ نظرات
الحقد والكراهية والرغبة فى الانتقام ، حتى
حصلَ كلٌّ منهما على شهادته العلميّة ، وحانَ
وقتُ رجوع كلٍّ منهما لوطنه ، وفى مطار باريس
كان اللقاءُ الآخير بين العاشقين ، فنظرَ كلٌّ منهما
للآخر نظرة عتاب ممزوجةٍ بحزنٍ وحسرةٍ أليمةٍ
من فراقٍ وشيك ، وأضحى الفراقُ باعثاً على
إيقاظ الحب المدفون كالذهب الذى اعتلاه الترابُ
فعادَ لبريقه عندما حانَ الوداعُ ، فابتسمتْ
( حياة ) ابتسامة الجريح ، وابتسمَ أحمد وهو
يدراى دمعةً أبتْ أنْ تتوقفَ ، وتصافحا ، وبادرتْه
( حياة ) : اذكرنى بالخير عند أهلكَ يا حبيبى....
ومازالَ أحمد يتذرَّعُ ببصيصٍ من الأمل فجاوبها :
سأعودُ لكِ حبيبتى يوماً فانتظرى بزوغَ الفجر...
ومضى كلٌّ منهما بطريق ، ومازال الغرابُ
ينعقُ فى السماء ....
تمَّتْ بحمد الله
| |
|